المقدمة
مؤخرا اعترفت لي إحدى معارفي: "أنا أقرأ كتبَُكَ منذ 15 سنة ولم أبدأ بفهم معناها إلا مؤخرا". عدد هذه الاعترافات كبيرٌ كفايَة. بما مُرتبَِطٌ هذا؟
كل ما في الأمر هو أنَّ الفهم يأتي حين نبدأ الشعورَ بمشكلتنا. إدراكُ المشكل قد يسُاعِدُ نوعا ما في تصحيح السلوك، إلا أنَّ الفهم الحقيقي لا يأتِ إلا مع الشعور .الإدراكُ العميق ،فهمُ ما يحصل ينشأ مع اكتساب الخبرة، حينَ يجدُ الإنسان نفسه في موقفٍ صادم أكثر من مرة وأكثر من عشرات المرات .
تحتوي كتبُي على معلومات مُفاجِئة من غير السهل تفطُّنُها. أنا أحاول تبسيطَ وضغط المعلومات إلى الح دِ الأقصى، - أحيانا بالتدقيق، أحيانا بالتكرار، أحيانا بالنظر في الموقف من نواحٍ مُختلَِفَة.
لدى استقبالي للمرضى في الماضي، كنتُ أقتنَِعُ غالِبا بأنَّ بعد قراءةِ كتبُي يعجِزُ عدد كبير من الناس تطبيَقَ هذه المعلومات عمليا، هم لا يشعرون بمعناها وجوهرها. وحينها، انطلاقا من خصائص وعي ونفس شخصٍ مُعيَّن، كنتُ أضُطَ رُّ لتغيير شكل عرضِ المعلومات بهدف إيصالِها إلى المريض.
تردُ ني عبر البريد الإلكتروني بشكل مُتزايد رسائلٌ يطلبُ الناس فيها المُساعدة، التوضيح ،الإنقاذ... ألُقي على بعض الرسائل نظرة سريعة وأطرحُها جانِبا إذ أرى فيها إستهلاكيَّةً واضِحَة، عدمَ قدرة وعدمَ رغبَةٍ في العمل على الذات والتغيرُّ. أنا أجُيب على بعضِها، وحينها أضُطَرُّ إلى ترتيب المعلومات بطريقة تسمح للإنسان فَهمَ ما أقولُ لكي يتمكَّن من التغيرُِّ، يتمكَّنَ من تربيَة ذاتِه والسير في الاتجاه الصحيح .
لك لِ شخص يجب اختيار المفتاح المُناسب، يجب التحدُّ ث إلى كل شخص بلغتَِه، - لذا لدى ردي على رسائل القرُاء أنا أنطلِقُ قبل كل شيء من خصائص شخصيَّة الشخص، من طبعِه، تاريخ سُ لالتَِه، عائلَتِه. لدى وُجودِ خبرةٍ كبيرة في التواصُلِ مع المرضى، حينها بمجرَّد قراءة عدة أسطرٍُ يمُكن الشعور بما يمُث لِهُ مؤلف الرسالة، فترتيب المعلومات طِبقا لذلك لكي تكون مفهومةً بالنسبة للشخص وتسُاعِدَه على التغيرُّ.
لدى ردي على الرسائل حاولتُ الجمع بين معرفة قوانين الكون والمعلومات العامة منجهة والمُقاربة الفردية لكل شخص من جهة أخرى.